المغالطات المنطقية,ما هي الماذاعنية ؟!
إن العقل البشري تطور عبر ملايين السنين لتلبية حاجيات معينة كان هدفها البقاء, لكنه لم يتطور للقيام بأمور نقوم بها الأن, في حياتنا اليومية, أمور عادية و بسيطة و لذلك لا نجيدها, لذلك يقع دماغنا دائما في هفوات صغيرة, مثل الرياضيات أو المنطق, لذلك غالبا ما نقع فيما يُدعى ب " المغالطات المنطقية " .
المغالطة المنطقية هي إستخدام الإستدلال و التفكير الغير الصحيح و الغير مبني بشكل منطقي من أجل بناء حجةٍ ما, لكن تكون الحجة المبنية غير صحيحة إذا ما كان المنطق المستخدم في بنائها غير صحيحا, لأن العقل البشري دائما ما يميل إلى البدء من النتيجة قبل بناء حجة تدعم هذه النتيجة , وأغلب الناس سيستخدم المغالطات المنطقية و يقعون فيها من أجل بناء حجة تؤدي إلى النتيجة المطلوبة ,قد يقوم بعض الناس بطرح بعض المغالطات عن قصد للمناورة في النقاش أو لإقناع العامة بواسطة الخداع والتضليل وأيضًا يتم طرح بعض المغالطات من قبل الآخرين بشكل غير مقصود بسبب الإهمال أو الجهل .
أول واحدة نبدأ بها هذه السلسلة هي " الماذاعنية " أو " Whataboutism " و هي مغالطة منطقية يقع فيها الشخص حين يقوم بتحوير إتجاه المحادثة نحو شيء أخر يكون له نفس الشكل أو السبب أو الدافع لكنه لم يحظى بالإهتمام العام لسبب ما, مثلا عندما توفي الأمريكي جورج فلويد فإن قمت بالتعاطف معه أمام شخص ما و يقول لك " و ماذا عن الفلسطينيين ؟! " أو " ماذا عن السوريين؟! " , " ماذا عن مسلمي الإيجور ؟! " و هكذا, النقطة المُراد توضيحها هي أنه لمجرد أن شخص ما يهتم بقضية ما, العنصرية مثلا, فهذا لا يعني بالضرورة أنه لا يهتم بقضايا أخرى, أو أنه يقلل من تقديرها و تقدير أهميتها, فعندما تقع في هذه المغالطة أنت لم تقم بدحض حجة المقابل لك أو تبيان خطأها بل أنت قمت بمهاجمته شخصيا, و جعلته يبدو كشخص منافق يهتم لقضايا محددة على حساب أُخرى, و أغلب هذه النقاشات لا تنتهي بإقناع فرد لفرد أخر بل بفردٍ صامت يشعر بالخجل لأن الأخر قد جعله يبدو شخصا سيئا, و كنتيجة لذلك سوف تبدو حججه غير جيدة و سيئة بغض النظر عن مدى قوتها, للوهلة الأولى قد لا تبدو هذه مغالطة منطقية و هذا ما يجعلها كثيرة الإنتشار,
في مصر تُسمى هذه المغالطة ب " مغالطة المنديل الأحمر " لأنه عندما سأل صحفي ما الرئيس المصري السيسي حول النظام الصحي , أخرج منديلا أحمر اللون من جيبه و مسح به عرق جبينه و أجابه قائلا : " و ماذا عن التعليم الجيد؟ لماذا لا تسألني عن التعليم الجيد؟! " , أما خلال الحرب الباردة فعندما كانت أمريكا تتحدث عن إنتهاكات الإتحاد السوفيتي لحقوق الإنسان كان يجيبها : " ماذا عن الهنود الحمر؟! " ,
لذلك حين تناقش أحدا حاول أن تنتبه للطريقة التي تبني بها حججك و حاول أن لا تقع في هذه الأفخاخ المنطقية , كما هنالك كتاب يتحدث عنها بتفصيل تام تحت عنوان " المغالطات المنطقية " لعادل مصطفى .
Comments
Post a Comment