أدم سميث حول " تقسيم العمل "

 


في كتابه " ثروة الأمم " يحاول أدم سميث الإجابة عن سؤال واحد و وحيد مالذي يجعل بريطانيا غنية و قد وجد إجابته فيما قد أطلق عليه إسم " تقسيم العمل " , يقول أن مردودية العمل تزيد بطريقة هائلة حين يتم تقسيم العمل, فرضا لو كان هناك مصنع الدبابيس يعمل فيه عشر رجال فيقوم كل منهم بصناعة دبوس كامل, في نهاية اليوم قد يصل مجموع الدبابيس التي أنتجوها إلى عشرة دبابيس بفرض أن كلا منهم أنتج دبوس, لكن لو تم تقسيم العمل بحيث يضطلع كل منهم بجزء صغير من العمل , و مع التكرار فسيزيد من تركيزه و براعته بحيث يطور من مهارته كما قد يطور طرقا جديدة, أسرع و أفضل, للقيام بعمله على أكمل وجه أو حتى يطور أدوات جديدة تسهل عليه القيام بعمله, كما أن تقسيم العمل يؤدي إلى تخصص العمال , فيكرسون أنفسهم للقيام بعمل هم أصلا قد أصبحوا ماهرين فيه فيزيد ذلك من إنتاجيتهم بطريقة أكبر, و بفضل الزيادة في الإنتاجية يُحقق العمال فائضا مقارنة بكمية إستهلاكهم و يستبدلون ذلك الفائض بالناتج عن عمل الأخرين للحصول على الأمور التي لا يستطيعون إنتاجها بأنفسهم و هذا الإستبدال بينهم هو الذي يؤدي إلى عمل الإقتصاد و بالتالي إلى عمل المجتمع , أمن أدم سميث بأن الفرق في المواهب الطبيعية هو الذي يدفع العمال إلى تقسيم العمل, إذن عدم المساواة بالنسبة إليه كان أمرا طبيعيا, و أنه كنتيجة لذلك ظهر ما سماه بالتقسيم الطبقي الإجتماعي,قال أنه مع الوقت أصبح تقسيم العمل أكثر إستقرارا داخل المجتمع و أعطى مثالا بفيلسوف و حمال و قال أنهما خلال الأيام الأولى في حياتهما كان متشابهين لكن بدأ تقسيم العمل يؤدي دوره فأرسل الأول إلى الجامعة ليصبح فيلسوفا بينما إضطر الثاني ليغدو جمالا , فيقول أن المهارات المختلفة هي نتيجة أكثر منها سببا في تقسيم العمل و هذا يعود إلى التقسيم الطبقي الإجتماعي و عدم المساواة الإجتماعية الطبيعية, 


قد يهُمك أيضا : حول تقسيم العمل, ماذا يظُن كارل ماركس؟! 



في النصف الثاني من كتابه يجادل أدم حول أصل تقسيم العمل فيقول أنه ليس نتيجة حكمة البشر , فلم يخطط له أحد بل قد تطور بشكل طبيعي من مبدأ أولي يوجد في المجتمعات البشرية فقط و يحكم العلاقات الإنسانية و هو الميل البشري للخداع و المقايضة و مبادلة الأشياء, و هذه النظرة كانت متجذرة مسبقا في كتب الفلاسفة الأخلاقيون أمثال أدم فيرغسون, الذين جعلوا من الرذيلة محركا للدوافع البشرية و حاولوا - مثل برنارد دي ماندفيل - إظهار أنها قد تملك تأثيرات إيجابية على المجتمع من ناحية إقتصادية, قام أدم بتوضيح أن البشر إجتماعيون جدا و غير قادرين على النجاة لوحدهم إلا إذا إنخرطوا داخل مجموعات, و على الرغم من حاجتهم الهائلة للمجموعة إلا أنهم لا يثقون بها بطريقة مطلقة, فيقول أننا لا نستطيع العيش بدون مساعدة الأخرين لكننا في الوقت نفسه لا نستطيع الإعتماد على إحسانهم, في المقابل نحن نستطيع إن نعتمد على طمعهم و جشعهم و جميع الرذائل التي قد تدفعهم لأن يريدوا المزيد, و هنا يطرح أدم سميث مثاله الشهير حول الطباخ و الخباز و الجزار الذين يحاولون تحسين جودة منتجاتهم و يعاملونك بطريقة جيدة, ليس حبا فيك, بل طمعا في أموالك , أدم يشرح بطريقة قاطعة أن البشر لا يهتمون بمساعدتك إلا عرضت عليهم شيئا في المقابل, و هنا يظهر مفهوم المقايضة, فهذا هو الذي يحرك السوق  . 

Comments