فدوى طوقان , اثم الشعر الفلسطيني , من هي ؟؟
المَرأة التي قال عنها الراحل محمود درويش بأنها أم الشعر الفلسطيني وشاعرة المقاومة الفلسطينية , كانت شاعرة أخت شاعر و تعتبر أهم شعراء فلسطين المحتلة هي اديبة وُلدت بمدينة نابلس الفلسطينية سنة 1917 و توفيت في لثاني عشر من ديسمر سنة 2003 عن عمرٍ يُناهز ستة و ثمانين سنة بذات المدينة
وُلدت فدوى لعائلة محافظة اعتبرت مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مقبول و كنتيجة لذلك تلقت فدوى تعليمها حتى المرحلة الابتدائية فقط و بدأت في تثقيف نفسها بنفسها كما ساعدها في ذلك أخوها الشعر " إبراهيم طوفان " الذي نمى مشاعرها و حها للشعر كما شجعها على نشره , كانت فدوى شاعرة طَوقتها العادات والتقاليد في كبرها وعاشت طفولةً حزينة خاصة بعد موت والدها ثم أخيها و مُعلمها إبراهيم وقهرها الاحتلال الاسرائيلي خاصة نكبة 1948 فخطت شعرًا “يتميز بجزالة غير متوقعة وصدق عاطفي” وقصائدًا تنضح فرحًا في أحيان وحزنًا في أحيانٍ أخرى و ربما هذا الذي دفعها غلى توقيع العديد من قصائدها الأولى بغسم " المطوقة " الذي يجمل في طياته دلالة على كونها تنحدر من العائلة المعروفة طوقان كما كان يصف حالتها هي تحديدا , وقد تركت تلك المآسي المتلاحقة أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين من شعرها في ديوانها الأول وحدي مع الأيام. وفي الوقت نفسه فان ذلك دفع فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات من القرن الماضي
توافق ميلاد الشاعرة فدوى مع العديد من الظروف التي تركت أثراً عميقاً في نفسها , فمنذ أن كانت جنيناً في بطن أمها التي لم تكن ترغب به مما جعلها تحاول إسقاطه أكثر من مرة لكنها كانت تفشل و حتى رفض العائلة والمجتمع لها لا لسبب فقط لكونها أنثى , سبّب قدومها خيبة أملٍ لوالدها الذي كان يأمل أن يكون المولود ذكراً , ومما يجدر ذكره أنّه كان قد غضب من أمّها حين حاولت إسقاطها، وقد ذكرت فدوى تلك الحادثة أكثر من مرة أثناء سرد سيرتها الذاتية فقالت: " ولأول مرة في حياتهما الزوجية ينقطع أبي عن محادثة أمي لبضعة أيام، فقد كان يطمح بصبي خامس يشدّ أزره ويزيد في ذريته " فلمّحت فدوى هنا إلى أنّ رغبة والدها في مولودٍ ذكر هو السبب في غضبه من أمها , وأنّه لو كان يعلم أن المولود أنثى لما غضب من أمها كل هذا الغضب.
مما زاد في ألم فدوى ضياع تاريخ ميلادها، فحين سألت والدتها عن ذلك التاريخ أجابت الأم ضاحكة : " كنت يومها أطهي عكوب , هذه هي شهادة ميلادك الوحيدة التي أحملها " , لكن فدوى ظلت تحاول بإصرار لتجعل أمها تتذكر تاريخ ميلادها الذي تاه في ذاكرتها نتيجة اللامبالاة فتقول الأم : " أنا أدلك على مصدر موثوق , حيث يمكنك التيقن من عام ميلادك فحين استشهد ابن عمي كامل عسقلان كنت في الشهر السابع من الحمل " , فتركت هاتان الحادثتان جرحاً نازفاً في أعماق فدوى كان له أثر كبير في تكوين شخصيتها كشاعرة فيما بعد , كما لعبت دوراً في تحديد معالم علاقتها بوالديها اللذين لم يرحبا بقدومها إلى هذه الدنيا ولم يشعراها بأهميتها في حياتهما لدرجة نسيانهما تاريخ ميلادها
كما أن علاقتها بوالدتها لم تكن العلاقة المثالية و لم تكن حتى تشبه علاقة الأم بطفلها و بسبب ذلك كانت أُم فدوى من بين الأشخاص الذين ظل تأثيرهم ملازماً لفدوى طوال حياتها وقد تحدثت عنها بمرارة قائلةً: " عشر مرات حملت أمي , خمسة بنين أعطت إلى الحياة، وخمس بنات، لكنها لم تحاول الإجهاض قط إلا حين جاء دوري " , ولأنّ والدتها لم ترغب بقدومها إلى هذه الدنيا فقد أهملتها ولم تعتني بها كما تفعل الأمهات، وسلمتها إلى فتاة تسمى " سمراء " كانت تعمل خادمةً عندهم لتعتني بها وتلبي لها حاجاتها المادية والمعنوية , وكانت سمراء مصدر الحب والحنان الوحيد لفدوى
.بدأت فدوى أولًا نظم الشعر العمودي ثم انتقلت للشعر الحر، وامتاز شعرها بمعالجة الموضوعات الشخصية والاجتماعية،أول ما فكرت فدوى طوقان في النشر بدأت بإرسال قصائدها إلى المجلات الأدبية في القاهرة وبيروت تحت أسماء مستعارة، فنشرتها تلك المجلات مما عزز ثقتها بنفسها وموهبتها فاستمرت في كتاباتها محملة بالآمال العريضة. لم تلبث الآلام أن حلت محلها آلام بموت أخيها إبراهيم عام 1941، فخطّت كتابها الأول "أخي إبراهيم" قبل أن تعود لحياتها المتشائمة حبيسة الجدران إأن إلى ظهر ديوانها الأول "وحدي مع الأيام" عام 1952 الذي هيمن عليه الإحساس بالعزلة والكآبة الشديدة وظهر فيه جليًا تأثرها بشعراء مثل إيليا أبو ماضي وعلي محمود طه ثم في 1956 صدر ديوانها الثاني "وجدتها" وكان مختلفًا تمامًا حيث عكس ابتهاجها بالحب والحرية التي شهدها مجتمعها مؤخرً ثم بعده نشرت ديوان " أعطنا حباً " و في 1967 انتقل شعرها ليركز على تضحيات الفلسطينيين ونضالهم، فصدر لها ديوان "الليل والفرسان " وديوان "على قمة الدنيا وحيدًا" و بعده "تموز والشيء الآخر" و كان أخر ديواناتها "اللحن الأخير" الذي نشرته قبل موتها ثلاث سنين .
لم يكن النثر اهتمامها لكنها برعت فيه كذلك، حيث كان أول إصداراتها كتاب "أخي ابراهيم"، كما صدر لها "رحلة جبلية، رحلة صعبة" عام 1985 الذي كان الجزء الأول من سيرتها الذاتية الذي غطى فترة صباها ومراهقتها حتى عام 1967 ونال إعجاب النقاد كثيرًا قبل أن يصدر الجزء الثاني "الرحلة الأصعب" عام 1993 الذي تناول السنوات القليلة بعد 1967
حازت أم الشعر الفلسطيني على العديد من الجوائز منها جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط في باليرمو بإيطاليا عام 1978 , وجائزة رابطة الكتاب الأردنيين , وجائزة جائزة سلطان العويس من الإمارات العربية المتحدة , ووسام القدس من منظمة التحرير الفلسطينية في 1990, وجائزة كافافيس الدولية للشعر عام 1996 , و غيرها الكثير .

Comments
Post a Comment